(إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) استثنى الله سبحانه التائبين من عموم المعاقبين بالعقوبات السابقة، والظاهر عدم الفرق بين الدماء والأموال وبين غيرها من الذنوب الموجبة للعقاب المعينة المحدودة، فلا يطالب التائب قبل القدرة بشيء من ذلك، وعليه محمل الصحابة.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يسقط القصاص وسائر حقوق الآدميين بالتوبة قبل القدرة والحق الأول، وأما التوبة بعد القدرة فلا يسقط بها العقوبة المذكورة في الآية كما يدل عليه ذكر قيد (قبل أن تقدروا عليهم).
قال القرطبي: وأجمع أهل العلم على أن السلطان وليُّ من حارب، فإن قتل محارب أخا امرئ أو أباه في حال المحاربة فليس إلى طالب الدم من أمر المحاربة شيء ولا يجوز عفو ولي الدم (فاعلموا أن الله غفور رحيم) بهم، عبر بذلك دون: فلا تحدوهم ليفيد أنه لا يسقط عنه بتوبته إلا حدود الله دون حقوق الآدميين، قال السيوطي: كذا ظهر لي ولم أر من تعرض له والله أعلم انتهى أي من حيث فهمه من الآية وإن كان في نفسه ظاهراً.
أخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: نزلت في المشركين فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يكن عليه السبيل، وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل أو أفسد أو حارب الله ورسوله.
وعنه عند ابن جرير والطبراني في الكبير فإن جاء تائباً فدخل في الإسلام قبل منه ولم يؤخذ بما سلف.