(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) الفلق الصبح يقال هو أبين من فلق الصبح، وسمي فلقاً لأنه يفلق عنه الليل وهو فعل بمعنى مفعول، قال الزجاج لأن الليل ينفلق عنه الصبح ويكون بمعنى مفعول وهذا قول جمهور المفسرين، وقيل هو سجن في جهنم، وقيل هو اسم من أسماء جهنم وقيل شجرة في النار، وقيل هو الجبال والصخور لأنها تفلق بالمياه أي تشقق، وقيل هو التفليق بين الجبال لأنها تنشق من خوف الله.
قال النحاس يقال لكل ما اطمأن من الأرض فلق، وقيل هو كل ما انفلق عن جميع ما خلق الله من الحيوان والصبح والحب والنوى وكل شيء من نبات وغيره، قاله الحسن والضحاك.
قال القرطبي: هذا القول يشهد له الإنشقاق فإن الفلق الشق يقال فلقت الشيء فلقاً شققته والتفليق مثله يقال فلقته فانفلق وتفلق فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق، قال الله سبحانه (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ) وقال (فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) انتهى.
والقول الأول أولى لأن المعنى وإن كان أعم منه وأوسع مما تضمنه لكنه المتبادر عند الإطلاق، وقد قيل في وجه تخصيص الفلق الإيماء إلى أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كل هذا العالم يقدر أيضاًً أن يدفع عن العائذ كل ما يخافه ويخشاه وقيل طلوع الصبح كالمثال لمجيء الفرج فكما أن الإنسان في الليل يكون منتظراً لطلوع الصباح كذلك الخائف يكون مترقباً لطلوع صباح النجاح.