(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) مستأنفة للرد على اقتراحهم، وبيان بطلانه أي أو لم يكف المشركين من الآيات التي اقترحوها هذا الكتاب المعجز الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه فعجزوا ولو أتيتهم بآيات موسى أو بآيات غيره من الأنبياء لقالوا: سحر، ونحن لا نعرف السحر والكلام مقدور لهم ومع ذلك عجزوا عن المعارضة ولما آمنوا كما لم يؤمنوا بالقرآن الذي يتلى عليهم في كل زمان ومكان فلا تزال معهم آية ثابتة لا تزول كما تزول كل آية بعد كونها، أو تكون في مكان دون مكان، والمعنى أن القرآن معجزة أتم من معجزة من تقدم من الأنبياء، مغنية عن سائر الآيات، لأن معجزة القرآن تدوم على مر الدهور والزمان، ثابتة لا تضمحل كغيرها من الآيات.
(إن في ذلك) الكتاب الموجود في كل مكان وزمان إلى آخر الدهور الموصوف بما ذكر (لرحمة) عظيمة في الدنيا والآخرة (وذكرى) في الدنيا يتذكرون بها وترشدهم إلى الحق (لقوم يؤمنون) أي لقوم يصدقون بما جئت به من عند الله فإنهم هم الذين ينتفعون بذلك.
أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وغيرهما. عن يحيى بن جعدة قال: جاء أناس من المسلمين بكتب قد كتبوها، فيها بعض ما سمعوه من اليهود، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كفى بقوم حمقاً أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم، فنزلت، أو لم يكفهم الآية ".
وعن الزهري: إن حفصة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرؤه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتلون وجهه