(ولقد صدقكم الله وعده) نزلت لما قاله بعض المسلمين من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر، وذلك أنه كان الظفر لهم في الابتداء حتى قتلوا صاحب لواء المشركين وتسعة نفر بعده، فلما اشتغلوا بالغنيمة وترك الرماة مركزهم طلباً للغنيمة كان ذلك سبب الهزيمة.
(إذ تحسونهم) والحس الاستئصال بالقتل أي تستأصلوهم قتلاً، يقال جراد محسوس إذا قتله البرد. وسنة حسوس أي جدبة تأكل كل شيء، قيل وأصله من الحس الذي هو الإدراك بالحاسة فمعنى حسّه أذهب حسه بالقتل.
قال الكرخي: المراد به هنا البصر ثم وضع موضع العلم والوجود ومنه قوله تعالى: (فلما أحس عيسى منهم الكفر) أي علم، ومنه قوله (هل تحس منهم من أحد) أي ترى وبمعنى الطلب، ومنه قوله (فتحسّسوا من يوسف) أي اطلبوا خبره انتهى.
(بإذنه) أي بعلمه أو بقضائه (حتى إذا فشلتم) أي جبنتم وضعفتم، قيل جوابه مقدر امتحنتم، وقال الفراء جوابه (وتنازعتم) والواو مقحمة زائدة كقوله: (فلما أسلما وتلّه للجبين) وقال أبو علي: جوابه صرفكم عنهم الآتي.
وقيل فيه تقديم وتأخير أي حتى إذا تنازعتم (في الأمر وعصيتم) فشلتم.