(إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح) هذا متصل بقوله يسألك أهل الكتاب، والمعنى أن أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - كأمر من تقدّمه من الأنبياء، فما بالكم تطلبون منه ما لم يطلبه أحد من المعاصرين للرسل، والوحي إعلام في خفاء، يقال وحى إليه بالكلام وحياً وأوحى يوحي إيحاء.
وخص نوحاً لكونه أول نبي شرعت على لسانه الشرائع وأول نذير على الشرك وأول من عُذّبت أمته لردهم دعوته، وأهلك أهل الأرض بدعائه، وكان أبا البشر كآدم وأطول الأنبياء عمراً، وصبر على أذى قومه طول عمره، وقيل غير ذلك أي إيحاء مثل إيحائنا إلى نوح أو حال كونه مشبهاً بايحائنا إلى نوح.
(والنبيّين من بعده) كهود وصالح وشعيب وغيرهم (وأوحينا إلى إبراهيم) وهو ابن تارخ واسم تارخ آزر (و) بعث بعده (إسمعيل) فمات بمكة (وإسحق) أي ثم بعث أخاه اسحق فمات بالشام (ويعقوب) وهو إسرائيل ابن اسحق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن نويب ثم هود بن عبد الله ثم صالح بن أسف ثم موسى وهرون ابني عمران ثم أيوب ثم الخضر ثم داود بن ايشا ثم سليمان بن داود ثم يونس بن متى ثم إلياس، ثم ذا الكفل واسمه عويدياً وهو من سبط يهوذا بن يعقوب وبين موسى بن عمران ومريم بنت عمران ألف سنة وسبعمائة سنة.
قال الزبير بن بكار: كل نبي ذُكر في القرآن فهو من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح وهود ولوط وصالح، ولم يكن من العرب الأنبياء إلا خمسة هود