(أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً؟) الاستفهام للإنكار أي ليس المؤمن كالفاسق. فقد ظهر ما بينهما من التفاوت والتباين، ولهذا قال (لا يستوون) ففيه زيادة تصريح لما أفاده الإنكار الذي أفاده الاستفهام على أبلغ وجه وآكده ليبني عليه التفصيل الآتي، قال الزجاج جعل الاثنين جماعة حيث قال لا يستوون، لأجل معنى (من) وقيل لكون الاثنين أقل الجمع. وقيل أراد الجنس منهما، ولم يرد مؤمناً واحداً، ولا فاسقاً واحداً، وهذا أولى، فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وفي السمين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتعمد الوقف على فاسقاً، ويبتدي بقوله لا يستوون. أي في المآل، والمستقر، أو في الشرف والمثوبة، والضمير فيه لمن الواقعة على الفريقين، وفيه مراعاة معناها بعد مراعاة لفظها، والمراد بالفسق الكامل بقرينة المقابلة للمؤمنين، وإلا فالمؤمن قد يكون فاسقاً، ونظيره:(أفنجعل المسلمين كالمجرمين)؟ وقوله:(أم حسب الذين اجترحوا السيئات) الآية، إذ ليس كل مجرم ومسيء كافراً.
وعن ابن عباس قال: قال الوليد بن عتبة لعلي بن أبي طالب: أنا أحدُّ منك سناناً، وأشجع جناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ حشواً للكتيبة منك فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق، فنزلت هذه الآية، يعني بالمؤمن علياً، وبالفاسق الوليد وروى نحو هذا عن عطاء بن يسار، والسدي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ثم بين سبحانه عاقبة حال الطائفتين وبدأ بالمؤمنين