(هذا بلاغ) أي هذا الذي أنزل إليك تبليغ وكفاية في الموعظة والتذكير ومبلغ وموصل للناس إلى مراتب السعادة، قيل أن الإشارة إلى ما ذكره سبحانه هنا من قوله (ولا تحسبن الله غافلاً) إلى (سريع الحساب) أي هذا فيه كفاية من غير ما انطوت عليه السورة، وقيل الإشارة إلى جميع السورة، وقيل إلى القرآن وبه قال ابن زيد، وفيه من المحسنات رد العجز على الصدر فقد افتتحت هذه السورة بقوله (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور).
(للناس) أي للكفار أو لجميع الناس على ما قيل في قوله وأنذر الناس، أي أنزل لتبليغهم إلى ما فيه رشدهم ونفعهم أي لإيصالهم إلى الخير (ولينذروا به) أي بالقرآن، قاله ابن زيد، وقرئ بفتح التحتية والذال المعجمة، يقال نذرت بالشيء أنذر إذا علمت به واستعددت له.
(وليعلموا) بالأدلة التكوينية المذكورة سابقاً أو بالقرآن بما فيه من الحجج (إنما هو إله واحد) لا شريك له (وليذكر أولوا الألباب) أي وليتعظ أصحاب العقول السليمة والأفهام الصحيحة.
وهذه اللامات متعلقة بمحذوف، والتقدير وكذلك أنزلنا أو متعلقة بالبلاغ المذكور أي كفاية لهم في أن ينصحوا وينذروا ويعلموا بما أقام الله من الحجج والبراهين وحدانيته سبحانه، وأنه لا شريك له، وليتعظ بذلك أرباب العقول التي تعقل وتدرك.