(لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى) مستأنفة لبيان حالهم بعد حفظ السماء منهم، وقال أبو حاتم: أي لئلا يسمعوا ثم حذف أن فرفع الفعل وكذا قال الكلبي، قال النسفي: وفيه تعسف يجب صون القرآن عن مثله، فإن كل واحد من الحرفين غير مردود على انفراده، ولكن اجتماعهما منكر، والفرق بين سمعت فلاناً يتحدث، وسمعت إليه يتحدث، وسمعت حديثه، وإلى حديثه، أن المعدى بنفسه يفيد الإدراك والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك انتهى. والملأ الأعلى أهل السماء الدنيا فما فوقها، وسمى الكل منهم أعلى بإضافته إلى ملأ الأرض لأنهم سكان السماء، والضمير في يسمعون للشياطين، وقيل: إن جملة (لا يسمعون) صفة لكل شيطان.
وقيل: جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل: فما حالهم بعد حفظ السماء عنهم؟ فقال:(لا يسمعون إلى الملأ الأعلى) قرأ الجمهور: بسكون السين وتخفيف الميم، وقرىء بتشديدهما والأصل يتسمعون فالأولى تدل على انتفاء سماعهم دون استماعهم، والثانية تدل على انتفائهما وفي معنى الأولى قوله تعالى:(إنهم عن السمع لمعزولون) قال مجاهد: كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون، واختار الثانية أبو عبيدة قال لأن العرب لا تكاد تقول سمعت إليه، وتقول تسمعت إليه، وكان ابن عباس يقرأ مخففة وقال: إنهم كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون.