(وما كان قولهم) أي قول أولئك الذين كانوا مع الأنبياء، والاستثناء مفرغ أي ما كان قولهم عند أن قتل منهم ربانيون أو قتل نبيهم مع ثباتهم وصبرهم عند لقاء العدو، واقتحام مضايق الحرب، وإصابة ما أصابهم من فنون الشدائد والأهوال شيء من الأشياء (إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا) قيل هي الصغائر.
(وإسرافنا في أمرنا) قيل هي الكبائر والظاهر أن الذنوب تعم كل ما يسمى ذنباً من صغيرة أو كبيرة، والإسراف ما فيه مجاوزة للحد فهو من عطف الخاص على العام، قالوا ذلك مع كونهم ربانيين هضماً لأنفسهم واستقصاراً لها وإسناداً لما أصابهم إلى أعمالهم، وبراءة من التفريط في جنب الله، وقدموا الدعاء بمغفرتها على ما هو الأهم بحسب الحال من الدعاء بقولهم:
(وثبت أقدامنا) أي في مواضع القتال ومواطن الحرب بالتقوية والتأييد من عندك أو ثبتنا على دينك الحق (وانصرنا على القوم الكافرين) تقريباً له إلى حين القبول فإن الدعاء المقرون بالخضوع الصادر عن زكاء وطهارة أقرب إلى الاستجابة، والمعنى لم يزالوا مواظبين على هذا الدعاء من غير أن يصدر عنهم قول يوهم شائبة الجزع والتزلزل في مواقف الحرب، ومراصد الدين، وفيه من التعريض بالمنهزمين ما لا يخفى.