(قل) لمنكري البعث (سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) على كثرتهم؛ واختلاف ألوانهم وطبائعهم، وألسنتهم، وانظروا إلى مساكن القرون الماضية، والأمم الخالية، وآثارهم، لتعلموا بذلك كمال قدرة الله، فإن من قدر على إنشائها بدءاً يقدر على إعادتهم، وقيل: إن المعنى قل لهم يا محمد سيروا ومعنى قوله (ثم الله ينشئ النشأة الآخرة) إن الله الذي بدأ النشأة الأولى وخلقها على تلك الكيفية، ينشئها نشأة ثانية عند البعث، أي فكما لم يتعذر عليه إحداثهم مبدئاً كذلك لا يتعذر عليه إنشاؤهم معيداً بعد الموت. ثانياً وهذا دليل على أنهما نشأتان وأن كل واحد منهما إنشاء أي ابتداء واختراع، وإخراج من العدم إلى الوجود، غير أن الآخرة إنشاء بعد إنشاء مثله، والأولى ليست كذلك، والجملة عطف على جملة: سيروا في الأرض داخلة معها في حيز القول.
قال ابن عباس: النشأة الآخرة: هي الحياة بعد الموت وهو النشور، قرئ النشأة بالقصر وسكون الشين، وبالمد وفتح الشين وهما لغتان كالرأفة والرآفة، وهي منتصبة على المصدرية بحذف الزوائد، والأصل الإنشاءة أو على حذف العامل أي ينشئ فينشئون النشأة (إن الله على كل شيء) من البداءة والإعادة (قدير) والجملة تعليل لما قبلها.