(وربطنا على قلوبهم) أي قويناها بالصبر على هجر الأهل والأوطان وفراق الخلان والأخدان؛ والفرار إلى بعض الغيران وجسرناهم على القيام بكلمة الحق والتظاهر بالإسلام حيث قالوا للملك ربنا رب السماوات إلخ ولم يحصل لهم منه رعب في الله، قال قتادة: ربطنا قلوبهم بالإيمان وشددنا عليها بالصبر والتثبيت وفيه استعارة تصريحية تبعية لأن الربط هو الشد بالحبل.
(إذ قاموا) اختلف أهل التفسير في هذا القيام على أقوال فقيل إنهم اجتمعوا وراء المدينة من غير ميعاد فقال رجل منهم هو أكبر القوم: إني لأجد في نفسي شيئاً أن ربي رب السماوات والأرض فقالوا ونحن كذلك نجد في أنفسنا فقاموا جميعاً.
(فقالوا ربنا رب السماوات والأرض) قاله مجاهد: وقال أكثر المفسرين إنه كان لهم ملك جبار يقال له (دقيانوس) وكان يدعو الناس إلى عبادة الطواغيت فثبت الله هؤلاء الفتية وعصمهم حتى قاموا بين يديه، وقد أمرهم بالسجود للأصنام فقالوا ربنا رب السماوات والأرض، أي قالوا جملاً ستاً، ثلاثة بين يدي ملكهم آخرها قوله شططاً، وثلاثة بعد انصرافهم عن مجلسه ذماً لقومهم آخرها قوله كذباً، وقال عطاء ومقاتل: إنهم قالوا ذلك عند قيامهم من النوم.
(لن ندعو من دونه إلهاً) أي لن نعبد معبوداً آخر غير الله لا اشتراكاً ولا استقلالاً (لقد قلنا إذاً شططاً) أي قولاً ذا شطط، أي إفراط في الكفران دعونا إلهاً غير الله فرضاً أو قولاً هو نفس الشطط لقصد المبالغة، والشطط الغلو ومجاوزة الحد المقدر في كل شيء، يقال شَطَّت الدار بعدت، وشَطَّ فلان في حكمه شطوطاً وشططاً جار وظلم، وَشَطَّ في القول أغلظ، وشط في السوم أفرط، والجميع من بابي ضرب وقتل، وقال قتادة: شططاً كذباً. وقال السدي جوراً.