للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩)

(قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم) التي هي الشرك، والجملة استئناف إخبار فيه معنى التعجب قاله الزمخشري كأنه قيل ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر أو أنه جواب قسم محذوف، والتقدير: والله لقد افترينا وجعله ابن عطية احتمالاً (بعد إذ نجانا الله منها) بالإيمان فلا يكون منا عود إليها أصلاً.

(وما يكون) أي ما يصح (لنا) ولا يستقيم ولا ينبغي (أن نعود فيها) بحال من الأحوال (إلا أن يشاء الله) أي إلا في حال ووقت مشيئة الله عودنا فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال الزجاج: أي إلا بمشيئة الله عز وجل قال وهذا قول أهل السنة، والمعنى أنه لا يكون منا العود إلى الكفر إلا أن يشاء الله ذلك، فالاستثناء منقطع وقيل إن الاستثناء هنا على جهة التسليم لله عز وجل كما في قوله وما توفيقي إلا بالله.

وقيل هو كقولهم لا أكلمك حتى يبيض الغراب وحتى يلج الجمل في سم الخياط والغراب لا يبيض والجمل لا يلج، فهو من باب التعليق بالمحال ولم تزل الأنبياء والأكابر يخافون العاقبة وانقلاب الأمر، ألا ترى إلى قول الخليل (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) وكان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " (١) وقيل المعنى وما يكون لنا أن نعود فيها


(١) صحيح الجامع الصغير/٧٨٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>