(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) المراد هنا الصلاة المعهودة وهي صلاة المسلمين، يعني الصلوات الخمس بمواقيتها وحدودها وجميع أركانها، على أن التعريف للعهد، ويجوز أن يكون للجنس ومثلها الزكاة، والإيتاء الإعطاء، والزكاة مأخوذة من الزكاء وهو النماء، وسمي إخراج جزء من المال زكاة أي زيادة مع أنه نقص منه لأنها تكثر بركته أو يكثر أجر صاحبه، وقيل الزكاة مأخوذة من التطهير، كما يقال زكى فلان أي طهر.
والظاهر أن الصلاة والزكاة والحج والصوم ونحوها قد نقلها الشرع إلى معان شرعية، هي المرادة بما هو مذكوره في الكتاب والسنة منها، وقد تكلم أهل العلم على ذلك بما لا يتسع المقام لبسطه، وقد اختلف أهل العلم في المراد بالزكاة هنا فقيل المفروضة لاقترانها بالصلاة، وقيل صدقة الفطر، والظاهر أن المراد ما هو أعم من ذلك.
(واركعوا مع الراكعين) أي صلوا مع المصلين يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم -، والركوع في اللغة الانحناء وكل منحن راكع، ويستعار الركوع أيضاً للانحطاط في المنزلة، وإنما خص الركوع بالذكر هنا لأن اليهود لا ركوع في صلاتهم، وقيل لكونه كان ثقيلاً على أهل الجاهلية، وقيل أنه أراد بالركوع جميع أركان الصلاة، والركوع الشرعي هو أن ينحني الرجل ويمد ظهره وعنقه، ويفتح أصابع يديه ويقبض بها على ركبتيه ثم يطمئن راكعاً ذاكراً بالذكر المشروع.
وقد ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما ما هو معروف.