(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)، أي شغلكم التباري في التكاثر بالأموال والأولاد، والتباهي والتفاخر بكثرتها عن طاعة الله تعالى والتغالب فيها، يقال ألهاه عن كذا وأقهاه إذا شغله، وقال الحسن معناه أنساكم حتى أدرككم الموت وأنتم على تلك الحال، وقال قتادة إن التكاثر التفاخر بالقبائل والعشائر، وقال الضحاك ألهاكم التشاغل بالمعاش وقيل المعنى متم ودفنتم في المقابر والمقابر جمع مقبرة وقال مقاتل وقتادة أيضاًً وغيرهما نزلت في اليهود حين قالوا نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا.
وقال الكلبي نزلت في حيين من قريش بني عبد مناف وبني سهم وتعادوا أو تكاثروا بالسيادة والإشراف في الإسلام، فقال كل حي منهم نحن أكثر سيداً وأعز عزيزاً وأعظم نفراً وأكثر قائداً فكثر بنو عبد مناف بني سهم، ثم تكاثروا بالأموات فكثرتهم بهم، فنزلت ألهاكم التكاثر فلم ترضوا حتى زرتم المقابر مفتخرين بالأموات.
وعن أبي بردة في الآية قال:" نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحرث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما فيكم مثل فلان وفلان، وقال الآخرون مثل ذلك تفاخروا بالأحياء ثم قالوا انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطائفتين تقول فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبر، ومثل فلان وفعل الآخرون مثل ذلك فأنزل الله هذه الآية " أي لقد كان لكم فيما زرتم