(يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) في هذا الفعل لغتان أكثرهما وليه يليه بالكسر فيما والثانية من باب وعد وهي قليلة الاستعمال، وجلست مما يليه أي يقاربه، وكأن الآية جاءت على اللغة الثانية وأصله يليون أي الأقرب فالأقرب منهم.
أمر سبحانه المؤمنين بأن يجتهدوا في مقاتلة من يليهم من الكفار في الدار والبلاد والنسب، قيل مثل قريظة والنضير وخيبر ونحوها، قاله ابن عباس.
وقال ابن عمر: هم الروم لأنهم كانوا سكان الشام والشام أقرب إلى المدينة من العراق، وقيل هم الديلم، وقال ابن زيد: هم العرب فقاتلوهم حتى فرغوا منهم، ثم أمروا بقتال أهل الكتاب وجهادهم حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وهكذا المفروض على أهل كل ناحية أن يقاتلوا من وليهم وأن يأخذوا في حربهم بالغلظة والشدة كما قال.
(وليجدوا) أي ليدركوا (فيكم غلظة) أي شدة وقوة وشجاعة، قال الخفاجي: قالوا أنها كلمة جامعة للجرأة والصبر على القتال وشدة العدواة والأنف في القتل والأسر، وظاهرها أمر الكفار بأن يجدوا في المؤمنين غلظة، والمقصود أمر المؤمنين بالاتصاف بصفات كالصبر وما معه حتى يجدهم الكفار المتصفين بها