(قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) هذه العبادة لهذه الأصنام، فقلدناهم مع كونها بهذه الصفة التي هي سلب السمع والنفع والضر عنها، وفي أبي السعود هذا الجواب منهم اعتراف بإنها بمعزل عما ذكر من السمع والمنفعة والمضرة بالمرة، واضطروا إلى إظهار أن لا مستند لهم سوى التقليد أي ما علمنا ولا رأينا منهم ما ذكر من الأمور، بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، فاقتدينا بهم. انتهى.
قال الخازن: وفي الآية دليل على إبطال التقليد في الدين وذمّهِ، ومدح الأخذ بالاستدلال انتهى. وهذا الجواب هو العصا التي يتوكأ عليها كل عاجز ويمشي بها كل أعرج، ويغتر بها كل مغرور، وينخدع لها كل مخدوع؛ فإنك لو سألت الآن هذه المقلدة للرجال التي طبقت الأرض، بطولها والعرض؛ وقلت لهم: ما الحجة لكم على تقليد فرد من أفراد العلماء؟ والأخذ بكل ما يقوله في الدين ويبتدعه من الرأي المخالف للدليل؟ لم يجدوا غير هذا الجواب ولا فاهوا بسواه، وأخذوا يعدون عليك من سبقهم إلى تقليد هذا من سلفهم، واقتدى بقوله وفعله، وهم قد ملأوا صدورهم هيبة، وضاقت آذانهم عن تصورهم وظنوا أنهم خير أهل الأرض، وأعلمهم وأورعهم فلم