(قل) لأهل مكة (أرأيتم)؟ أي أخبروني (إن جعل الله عليكم الليل سرمداً بإسكان الشمس تحت الأرض، أو بتحريكها حول الأفق الغائر، والسرمد هو الدائم المستمر، من السرد، وهو المتابعة والاطراد، فالميم زائدة كما في دلامص من الدلاص، ووزنه فعمل، وقيل: إن ميمه (١) أصلية، ووزنه فعلل لا فعمل، وهو الظاهر، بين لهم سبحانه أنه مهد لهم أسباب المعيشة ليقوموا بشكر النعمة، فإنه لو كان الدهر الذي يعيشون فيه ليلاً دائماً لا نهار معه (إلى يوم القيامة) لم يتمكنوا من الحركة فيه، وطلب ما لا بد لهم منه مما يقوم به العيش من المطاعم، والمشارب، والملابس، ثم امتن عليهم فقال:
(من إله غير الله يأتيكم)؟ أي هل لكم من إله بزعمكم من الآلهة التي تعبدونها يقدر على أن يرفع هذه الظلمة الدائمة عنكم (بضياء) أي بنور تطلبون فيه المعيشة، وتبصرون فيه ما تحتاجون إليه وتصلح ثماركم، وتنمو عنده زرائعكم، وتعيش فيه دوابكم والجملة صفة أخرى لـ (إله) عليها يدور التبكيت والإلزام (أفلا تسمعون)؟ هذا الكلام سماع فهم، وقبول، وتدبر وتفكر، وهذا توبيخ لهم على أبلغ وجه، ثم لما فرغ الله من الامتنان عليهم بوجود النهار؛ امتن عليهم بوجود الليل فقال:
(١) إذا كانت ميمه أصلية فيكون فعله الماضي على وزن مصدره سرمد يسرمد سرمداً.