للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وهذا أيضاًً من جملة ما في صحف موسى وإبراهيم، والمعنى ليس له إلا أجر سعيه، وجزاء عمله، ولا ينفع أحداً عمل أحد، وهذا العموم مخصوص بمثل قوله سبحانه: (وألحقنا بهم ذريتهم)، وبمثل ما ورد في شفاعة الأنبياء والملائكة للعباد، ومشروعية دعاء الأحياء للأموات، ونحو ذلك، ولم يصب من قال: إن هذه الآية منسوخة بمثل هذه الأمور، فإن الخاص لا ينسخ العام، بل يخصصه، فكل ما قام الدليل على أن الإنسان ينتفع به وهو من غير سعيه، كان مخصصاً لما في هذه الآية من العموم، وتعقب أيضاًً بأنها خبر، ولا نسخ في الأخبار، وبأنها على ظاهرها والدعاء من الولد دعاء من الوالد من حيث اكتسابه للولد، وبأنها مخصوصة بقوم إبراهيم وموسى، لأنها حكاية لما في صحفهم، وأما هذه الأمة فلها ما سعت هي وما سعى لها غيرها، لما صح أن لكل نبي وصالح شفاعة، وهو انتفاع بعمل الغير، ولغير ذلك.

ومن تأمل النصوص وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى فلا يجوز أن تؤول الآية على خلاف الكتاب والسنة وإجماع الأمة. وحينئذ فالظاهر ما قلنا أن الآية عامة قد خصصت بأمور كثيرة، قال ابن عباس في الآية: فأنزل الله بعد ذلك: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم) الآية،

<<  <  ج: ص:  >  >>