(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) فيه الترخيص لمن حج في التجارة ونحوها من الأعمال التي يحصل بها شيء من الرزق، وهو المراد بالفضل هنا، ومنه قوله تعالى (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) أي لا إثم عليكم في أن تبتغوا في مواسم الحج رزقاً ونفعاً وهو الربح في التجارة مع سفركم لتأدية ما افترضه عليكم من الحج، نزل رداً لكراهتهم ذلك.
والحق أن الإذن في هذه التجارة جار مجرى الرخص وتركها أولى لقوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) والإخلاص هو أن لا يكون له حامل على الفعل سوى كونه عبادة.
(فإذا أفضتم من عرفات) يقال فاض الإناء إذا امتلأ ماء حتى ينصب من نواحيه، ورجل فياض أي مندفعة يده بالعطاء، ومعناه أفضتهم أنفسكم، فترك ذكر المفعول كما ترك في قولهم دفعوا من موضع كذا، وعرفات اسم لتلك البقعة كأذرعات أي موضع الوقوف، وعرفة اسم اليوم وسميت عرفات لأن الناس يتعارفون فيها، وقيل لأن آدم التقى هو وحواء فيها فتعارفا، وقيل غير ذلك.
قال ابن عطية: والظاهر أنه اسم مرتجل كسائر أسماء البقاع إلا على القول بأن أصله جمع، واستدل بالآية على وجوب الوقوف بعرفة لأن الإفاضة لا تكون إلا بعده ولا يتم الحج إلا به، ووقت الإفاضة من عرفات بعد غروب