للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطاعة بعد ذكر المعصية، وهو أن يستعملوا مكان الرفث الكلام الحسن، ومكان الفسوق البر والتقوى، ومكان الجدال الوفاق والأخلاق الجميلة، وفيه أن كل ما يفعلونه من ذلك فهو معلوم عند الله لا يفوت منه شيء.

(وتزودوا) ما يبلغكم لسفركم (فإن خير الزاد التقوى) أي ما يتقى به سؤال الناس وغيره، فيه الأمر باتخاذ الزاد لأن بعض العرب كانوا يقولون كيف نحج بيت ربنا ولا يطعمنا فكانوا يحجون بلا زاد، ويقولون نحن متوكلون على الله سبحانه ثم يقدمون فيسألون الناس ويكونون كَلاَّ عليهم، فأنزل الله هذه الآية، أخرجه عبد بن حميد والبخاري أبو داود والنسائي وغيرهم عن ابن عباس، وقد روي عن جماعة من التابعين مثل ذلك.

قال ابن الجوزي: قد لبَّس إبليس على قوم يدعون التوكل فخرجوا بلا زاد، وظنوا أن هذا هو التوكل، وهم على غاية من الخطأ.

وقيل المعنى تزودوا لمعادكم من الأعمال الصالحة فإن خير الزاد التقوى، والأول أرجح كما دل عليه سبب نزول الآية، وفيه إخبار بأن خير الزاد اتقاء المنهيات، فكأنه قال اتقوا الله في إتيان ما أمركم به من الخروج بالزاد فإن خيره التقوى، وقيل المعنى فإن خير الزاد ما اتقى به المسافر من التهلكة والحاجة إلى السؤال والتكفف.

(واتقون) أي وخافوا عقابي. وقيل اشتغلوا بتقواي، وفيه تنبيه على كمال عظمة الله جل جلاله (يا أولي الألباب) فيه التخصيص لأولي الألباب بالخطاب بعد حث جميع العباد على التقوى، لأن أرباب الألباب والعقول هم القابلون لأوامر الله الناهضون بها، ولب كل شيء خالصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>