(وإن عزموا الطلاق) العزم العقد على الشيء يقال عزم يعزم عزماً وعزيمة وعزماناً واعتزم، فمعنى عزموا الطلاق عقدوا عليه قلوبهم بأن لم يفيئوا فليوقعوه، والطلاق من طلقت المرأة تطلق كنصر ينصر، طلاقاً فهي طالق وطالقة أيضاً: والطلاق حل عقد النكاح، وفي ذلك دليل على أنها لا تطلق بمضي أربعة أشهر كما قال مالك ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة، وأيضاً فإنه قال:(فإن الله سميع) لقولهم، وسميع يقتضي مسموعاً بعد المضى، وقال أبو حنيفة سميع لإيلائه (عليم) بعزمه الذي دل عليه مضي أربعة أشهر.
والمعنى: ليس لهم بعد تربص ما ذكر إلا الفيئة أو الطلاق.
واعلم أن أهل كل مذهب قد فسروا هذه الآية بما يطابق مذهبهم، وتكلفوا بما لم يدل عليه اللفظ ولا دليل آخر ومعناها ظاهر واضح، وهو أن الله جعل الأجل لمن يولي أي يحلف من امرأته أربعة أشهر، ثم قال مخبراً لعباده بحكم هذا المؤلي بعد هذه المدة (فإن فَاءُوا) أي رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح (فإن الله غفور رحيم) أي لا يؤاخذهم بتلك اليمين بل يغفر لهم ويرحمهم (وإن عزموا الطلاق) أي وقع العزم منهم عليه والقصد له (فإن الله سميع) لذلك منهم (عليم) به فهذا معنى الآية الذي لا شك فيه ولا شبهة، فمن حلف أن لا يطأ امرأته ولم يقيد بمدة أو قيد بزيادة على أربعة أشهر كان علينا إمهاله أربعة أشهر، فإذا مضت فهو بالخيار إما رجع إلى نكاح امرأته وكفّر عن يمينه، وكانت زوجته بعد مضي المدة كما كانت زوجته قبلها، أو