(قل ما يعبأ بكم ربي) بين سبحانه أنه غني عن طاعة الكل، وإنما كلفهم لينتفعوا بالتكليف، يقال ما عبأت بفلان، أي ما بالميت به ولا له عندي قدر وأصل يعبأ من العبء، وهو الثقل. قال الخليل: ما أعبأ بفلان أي ما أصنع به كأنه يستقله ويستحقره، ويدعي أن وجوده وعدمه سواء، وكذا قال أبو عبيدة.
قال الزجاج: ما يعبأ بكم ربي، يريد أي وزن يكون لكم عنده، أو ما يصنع بكم، أو بعذابكم والعبء الثقل و (ما) استفهامية أو نافية، وصرح الفراء بإنها استفهامية قال ابن الشجري: وحقيقة القول عندي أن موضع (ما) نصب، والتقدير: أي عبء يعبأ بكم؟ أي أيُّ مبالاة يبالي بكم؟ وأيُّ اعتداد يعتد بكم؟.
(لولا دعاؤكم) أي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه، وعلى هذا فالمصدر الذي هو الدعاء مضاف إلى مفعوله، وهو اختيار الفراء، وفاعله محذوف، وجواب لولا محذوف تقديره لولا دعاؤكم لم يعبأ بكم ويؤيد هذا قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) والخطاب لجميع الناس وعن ابن عباس في الآية قال، يقول لولا إيمانكم فأخبر الله سبحانه أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين، ولو كانت له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين وقيل إن المصدر مضاف إلى الفاعل أي لولا استغاثتكم إليه في الشدائد.