(إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً) هذه الجملة مستأنفة مبينة لما أجمله سابقاً من العذاب، والصرصر شدة البرد، أي: ريح شديدة البرد، وقيل: الصرصر شدة الصوت، وقد تقدم بيانه في حم السجدة. قال ابن عباس: ريحاً صرصراً أي باردة (في يوم نحس مستمر) أي: دائم الشؤم إلى الأبد، استمر عليهم بنحوسة، واستمر فيه العذاب إلى الهلاك، وقد كانوا يتشاءمون بذلك اليوم، قال الزجاج: أي بيوم الأربعاء في آخر الشهر، أي شهر شوال لثمان بقين منه، واستمر إلى غروب الشمس، قال الخطيب: وقد قال في سورة الحاقة: سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، وفي حم السجدة في أيام نحسات، فالمراد باليوم هنا الوقت والزمان انتهى.
قال الضحاك: كان ذلك اليوم مراً عليهم، وكذا حكى الكسائي عن قوم أنهم قالوا: هو من المرارة كالشيء المر، تكرهه النفوس، وقيل: هو من المرة بمعنى القوة، أي في يوم قوي الشؤم مستحكمه. كالشيء المحكم الفتل الذي لا يطاق نقضه، والظاهر أنه من الاستمرار لا من المرارة: ولا من المرة أي دام عليهم العذاب فيه حتى أهلكهم، وشمل إهلاكه كبيرهم وصغيرهم، وقيل: استمر بهم إلى نار جهنم، قال ابن عباس: في أيام شداد، " عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء يوم نحس مستمر "، أخرجه ابن المنذر وابن مردويه، وأخرجه هو عنه من وجه آخر (١) مرفوعاً.
(١) قلت: قال شيخ الإسلام الشوكاني: قال الصنعاني: موضوع، وكذا قال ابن الجوزي، ورواه الخطيب وفي إسناده كذاب، ورواه ابن مردويه، وفي إسناده متروك وأما حديث ابن عباس فقد قال الحافظ ابن حجر: هذا كذب على ابن عباس، لا تحل روايته؟. المطيعي.