(وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ) أى أهل مكة (بِآيَةٍ) مما اقترحوا (قَالُوا لَوْلَا) هلا (اجتبيتها) يقال اجتبى الشئ جباه لنفسه أى جمعه أي هلا جمعتها افتعالاً لها من عند نفسك، وقيل لولا أحدثتها لولا تلقيتها فأنشأتها، قاله ابن عباس، وقيل المعنى اختلقتها يقال اجتبيت الكلام انتحلته واختلقته واخترعته إذا جئت به من عند نفسك، كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تراخى الوحي هذه المقالة فأمره الله بأن يجيب عليهم بقوله.
(قل) لست ممن يأتي بالآيات من قبل نفسه ويقترح المعجزات كما تزعمون بل (إنما أتبع ما يوحي إليّ من ربي) فما أوحاه إليّ وأنزله عليّ أبلغته إليكم.
(هذا) أي القرآن المنزل علي هو (بصائر من ربكم) يتبصر بها من قبلها جمع بصيرة وقيل البصائر الحجج والبراهين، وقال الزجاج الطرق ولما كان القرآن سبباً لبصائر العقول، أطلق عليه اسم البصائر فهو من باب تسمية السبب باسم المسبب والبصيرة الحجة، والاستبصار في الشيء، قال الأخفش: جعله هو البصيرة كما تقول للرجل أنت حجة على نفسك.
(وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) أي هو بصائر وهدى يهتدي به المؤمنون ورحمة لهم، وذلك أن الناس متفاوتون في درجات العلوم فمنهم من بلغ الغاية في علم التوحيد حتى صار كالمشاهد، وهم أصحاب عين اليقين، ومنهم من بلغ درجة الاستدلال والنظر وهم أصحاب علم اليقين، ومنهم المسلم المستسلم وهم عامة المؤمنين وأصحاب حق اليقين.