(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) من الحركات في طلب الكسب لكونه جعله مظلماً بارداً تناسبه الراحة الظاهرية، بالسكون والنوم الذي هو الموت الأصغر، والراحة الحقيقية بالعبادة التي هي الحياة الدائمة (والنهار مبصراً) أي مضيئاً لتبصروا فيه حوائجكم، وتنصرفوا في طلب معايشكم، وهو من الإسناد المجازي، أي مبصراً فيه لأن الإبصار في الحقيقة لأهل النهار.
(إن الله لذو فضل على الناس) يتفضل عليهم بنعمه التي لا تحصى، ولِم يقل لمفضل أو لمتفضل لأن المراد تنكير الفضل، وأن يجعل فضلاً لا يوازيه فضل، وذلك إنما يكون بالإضافة (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) النعم ولا يعترفون بها إما لجحودهم لها ولكفرهم بها، كما هو شأن الكفار، أو لإغفالهم للنظر وإهمالهم لما يجب من شكر المنعم وهم الجاهلون، ولم يقل: ولكن أكثرهم حتى لا يتكرر ذكر الناس، لأن في هذا التكرير تخصيصاً لكفران النعمة بهم، وأنهم هم الذين يكفرون فضل الله ولا يشكرونه كقوله (إن الإنسان لكفور) وقوله: (إن الإنسان لظلوم كفار).