(أوعجبتم) من (أن جاءكم ذكر من ربكم على) لسان (رجل منكم لينذركم) بأس ربكم ويخوفكم عقابه، وقد سبق تفسيره (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) أي جعلهم سكان الأرض التي كانوا فيها أذكرهم الله نعمة من نعمه عليهم أو جعلهم ملوكاً. جعل الذكر للوقت والمراد ما كان فيه من الاستخلاف على الأرض لقصد المبالغة، لأن الشيء إذا كان وقته مستحقاً للذكر فهو مستحق له بالأولى.
(وزادكم في الخلق بسطة) أي طولاً في الخلق وعظم جسم وقوة زيادة على ما كان عليه آباؤهم في الأبدان، وقيل بسطة أي شدة قاله ابن عباس، وعن أبي هريرة قال: كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها.
قال السدي والكلبي: كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع، وقامة القصير ستين، وقيل سبعين ذراعاً وقد ورد عن السلف حكايات عن عظم أجرام قوم عاد وفيها كما تقدم.
(فاذكروا آلاء الله) أي نعمه عليكم جمع إلى بكسر الهمزة وسكون اللام كحمل وأحمال أو إلى بضم الهمزة وسكون اللام كقفل وأقفال، أو إلى بكسر الهمزة وفتح اللام كضلع وأضلاع وعنب وأعناب أو إلى بفتحهما كقفا وأقفاء ومن جملتها نعمة الاستخلاف في الأرض والبسطة في الخلق وغير ذلك مما أنعم به عليهم، وكرر التذكير لزيادة التقرير (لعلكم تفلحون) إن تذكرتم ذلك لأن الذكر للنعمة سبب باعث على شكرها ومن شكر فقد أفلح.