للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)

(فلما أنجاهم) الله من هذه المحنة التي وقعوا فيها وأجاب دعاءهم لم يفوا بما وعدوا من أنفسهم، بل فعلوا فعل الجاحدين لا فعل الشاكرين وجعلوا البغي في الأرض بغير الحق مكان الشكر (إذا هم يبغون) أي فأجاؤا البغي والفساد وسارعوا إليه، والبغي هو الفساد من قولهم بغى الجرح إذا ترامى في الفساد، وقيل هو الشرك، وزيادة (في الأرض) للدلالة على أن فسادهم هذا شامل لأقطار الأرض، والبغي وإن كان ينافي أن يكون بحق بل لا يكون إلا بالباطل لكن زيادة.

(بغير الحق) إشارة إلى أنهم فعلوا ذلك بغير شبهة عندهم بل تمرداً وعناداً لأنهم قد يفعلون ذلك لشبهة يعتقدونها مع كونها باطلة.

وقيل البغي: مجاوزة الحد وهو محمود إن كان من العدل إلى الإحسان ومن الفرض إلى التطوع، ومذموم إن كان من الحق إلى الباطل أو إلى الشبهة، وقال الزمخشري: البغي قد يكون بحق وهو استيلاء المسلمين على أرض الكفرة وهدم دورهم وإحراق زروعهم وقلع أشجارهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة، وهذا فائدة تقييده بغير الحق.

(يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا) لما ذكر

سبحانه أن هؤلاء المتقدم ذكرهم يبغون في الأرض بغير الحق، ذكر عاقبة البغي وسوء مغبته، قرئ بنصب متاع على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر بطريق الاستئناف، أي بغيكم وبال على أنفسكم تتمتعون متاع الحياة الدنيا؛ وقيل على أنه ظرف زمان نحو مقدم الحاج أي زمن متاع الحياة الدنيا، وقيل على أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>