(فقد كذبوا) ضمنه معنى استهزؤوا فعداه بالباء والظاهر كما قال السفاقسي: أن الفاء لتعقيب الإعراض بالتكذيب فهي عاطفة على الجملة قبلها، وجعلها الزمخشري جواب شرط مقدر أي إن كانوا معرضين عن الآيات فلا تعجب فقد كذبوا بما هو أعظم آية وأكبرها، وهو الحق لما جاءهم، وفيه تكلف وهذه المرتبة أزيد من الأولى لأن المعرض عن الشيء قد لا يكون مكذباً به بل قد يكون غافلاً عنه غير متعرض له، فإذا صار مكذباً فقد زاد على الإعراض قاله الكرخي.
(بالحق لما جاءهم) قيل المراد بالحق هنا القرآن وقيل محمد - صلى الله عليه وسلم - (فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون) أي سيعرفون أن هذا الشيء الذي استهزءوا به ليس بموضع للاستهزاء وذلك عند إرسال عذاب الله عليهم، كما يقال اصبر فسوف يأتيك الخبر، عند إرادة الوعيد والتهديد، وفي لفظ الإنباء ما يرشد إلى ذلك، فإنه لا يطلق إلا على خبر عظيم الوقع، وحملها على العقوبات الآجلة أو على ظهور الإسلام وعلو كلمته يأباه الآيات الآتية، قال ابن عطية: أي أنباء كونهم مستهزئين.