(أم) منقطعة مفيدة للانتقال عن توبيخهم بأمر إلى توبيخهم بآخر أي بل (يحسدون الناس) يعني اليهود يحسدون النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط فهو عام أريد به الخاص وأطلق عليه لفظ الناس لأنه جمع كل الخصال الحميدة التي تفرقت في الناس على حد قول القائل: أنت الناس كل الناس أيها الرجل.
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
أو يحسدونه هو وأصحابه وأصل الحسد تمنى زوال النعمة عمن هو مستحق لها، وربما يكون ذلك مع سعي في زوالها وهو أقبح مما قبلها لأن البخل منع لما في أيديهم، والحسد منع لما عقد الله واعتراض عليه، والاستفهام للإنكار أي لا ينبغي ذلك.
(على ما آتاهم الله من فضله) من النبوة والنصر وقهر الأعداء، وقيل حسدوه على ما أحل الله له من النساء، وكانت له يومئذ تسع نسوة والأول أولى.
(فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة) هذا إلزام لليهود بما يعترفون به ولا ينكرونه وهو مسلّم عندهم أي ليس ما آتينا محمداً وأصحابه من فضلنا بأبدع حتى تحسدهم اليهود على ذلك فهم يعلمون بما آتينا آل إبراهيم وهم أسلاف محمد - صلى الله عليه وسلم - وأبناء أعمامه.
وفيه حسم لمادة حسدهم واستبعادهم المبنيّين على توهم عدم استحقاق الحسود ما أوتيه من الفضل ببيان استحقاقه له بطريق الوراثة كابراً عن كابر،