(وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه) أثبتت اليهود لأنفسها ما أثبتته لعزير حيث قالوا عزير ابن الله، وأثبتت النصارى لأنفسها ما أثبتته للمسيح حيث قالوا المسيح ابن الله، وقيل هو على حذف مضاف أي نحن أتباع أبناء الله، وقيل أبناء أنبياء الله، ونظيره (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) قاله الكرخي.
وهكذا أثبتوا لأنفسهم أنهم أحباء الله بمجرد الدعاوى الباطلة والأماني العاطلة، فأمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم فقال:(قل فلم يعذبكم بذنوبكم) أي إن كنتم كما تزعمون فما باله يعذبكم بما تقترفونه من الذنوب بالقتل والمسخ، وبالنار في يوم القيامة كما تعترفون بذلك بقولكم:(لن تمسّنا النار إلا أياماً معدودة) فإن الابن من جنس أبيه لا يصدر عنه ما يستحيل على الأب، وأنتم تذنبون والحبيب لا يعذب حبيبه وأنتم تعذبون، فهذا يدل على أنكم كاذبون في هذه الدعوى، وهذا البرهان هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف.
وأخرج أحمد في مسنده عن أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني، فسعت فأخذته فقال القوم: يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا، والله لا يلقي حبيبه في النار، وإسناده في المسند هكذا: حدثنا ابن