(قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر) ظاهر هذا أن الخطاب منه لله سبحانه، وإن كان الخطاب الواصل إليه هو بواسطة الملائكة، وذلك لمزيد التضرع والجهد في طلب الجواب عن سؤاله، وقيل إنه أراد بالرب جبريل أي يا سيدي.
وقيل في معنى هذا الاستفهام وجهان (أحدهما) أنه سأل هل يرزق هذا الولد من امرأته العاقر أو من غيرها، وقيل معناه بأي سبب أستوجب هذا وأنا وامرأتي على هذه الحال.
والحاصل أنه استبعد حدوث الولد منهما مع كون العادة قاضية بأنه لا يحدث من مثلهما لأنه كان يوم التبشير كبيراً قيل في تسعين سنة، وقيل في عشرين ومائة سنة، وكانت امرأته في ثمان وتسعين سنة، ولذلك جعل الكبر كالطلب له لكونه طليعة من طلائع الموت، فأسند الفعل إليه، والعاقر التي لا تلد أي ذات عقر على النسب، ولو كان على الفعل لقال عقيرة أي بها عقر يمنعها من الولد.
وإنما وقع منه هذا الاستفهام بعد دعائه بأن يهب الله له ذرية طيبة ومشاهدته لتلك الآية الكبرى في مريم، استعظاماً لقدرة الله سبحانه، لا لمحض الاستبعاد وقيل أنه قد مر بعد دعائه إلى وقت بشارتها أربعون سنة، وقيل عشرون سنة فكان الاستبعاد من هذه الحيثية.