(هو الذي خلقكم من طين) في معناه قولان (أحدهما) وهو الأشهر وبه قال الجمهور أن المراد آدم عليه السلام، ومن لابتداء الغاية وأخرجه مخرج الخطاب للجميع لأنهم ولده ونسله (الثاني) أن يكون المراد جميع البشر باعتبار أن النطفة التي خلقوا منها مخلوقة من الطين، وإنما ذكر الله سبحانه خلق آدم وبنيه بعد خلق السموات والأرض إتباعاً للعالم الأصغر بالعالم الأكبر، والمطلوب بذكر هذه الأمور دفع كفر الكافرين بالبعث ورد جحودهم بما هو مشاهد لهم لا يمترون فيه.
(ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده) جاء بكلمة ثم لما بين خلقهم وبين موتهم من التفاوت فهي للترتيب الزماني على أصلها، وقضى بمعنى أظهر، وهي صفة فعل وإن كان بمعنى كتب وقدر، فهي للترتيب في الذكر لأنها صفة ذات وذلك مقدم على خلقهم.
وقد اختلف السلف ومن بعدهم في تفسير الأجلين فقيل قضى أجلاً يعني الموت وأجل مسمى القيامة والوقوف عند الله، وهو مروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والضحاك ومجاهد وعكرمة وزيد بن أسلم وعطية والسدي وخصيف ومقاتل وغيرهم، وقيل الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت، والثاني ما بين أن يموت إلى أن يبعث وهو البرزخ وهو قريب من الأول.
وقيل الأول مدة الدنيا والثاني عمر الإنسان إلى حين موته، وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وقيل الأول قبض الأرواح في النوم، والثاني قبضها عند