(يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً) قيل إنها نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة وبني مدلج فيما حرموه على أنفسهم من الحرث والأنعام، حكاه القرطبي في تفسيره، وهذا هو المشهور بخلاف ما جرى عليه القاضي من أنها نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس فإنه مرجوح، قاله الكرخي، ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وسمي الحلال حلالاً لانحلال عقدة الحظر عنه، والطيب هنا هو المستلذ كما قاله الشافعي وغيره، وقال مالك وغيره: هو الحلال فيكون تاكيداً لقوله حلالاً.
" ومن " في مما للتبعيض للقطع بأن في الأرض ما هو حرام كالحجارة لا يؤكل أصلاً، وليس كل ما يؤكل يجوز أكله فلذلك قال حلالاً والأمر مستعمل في كل من الوجوب والندب والإباحة، الأول إذا كان لقيام البنية، والثاني كالأكل مع الضيف، والثالث كغير ما ذكر، وقيل معنى حلالاً، مأذوناً فيه شرعاً، والطيب الحلال وإن لم يستلذ كالأدوية، وفي هذه الآية دليل على أن كل ما لم يرد فيه نص أو ظاهر من الأعيان الموجودة في الأرض فأصله الحل حتى يرد دليل يقتضي تحريمه وأوضح دلالة على ذلك من هذه الآية قوله تعالى:(وهو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً).