للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)

(أفتطمعون) الهمزة للاستفهام وتدخل على ثلاثة من حروف العطف الفاء كما هنا والواو كقوله الآتي (أو لا يعلمون) وثم كقوله (أثم إذا ما وقع) واختلف في مثل هذه التراكيب فذهب الجمهور إلى أن الهمزة مقدمة من تأخير لأن لها الصدر، والتقدير فأتطمعون وألا يعلمون وثم أإذا. وذهب الزمخشري إلى أنها داخلة على محذوف دل عليه سياق الكلام والتقدير هنا أتسمعون إخبارهم وتعلمون أحوالهم فتطمعون (أن يؤمنوا لكم) مع أنهم لم يؤمنوا بموسى، هذا الاستفهام فيه معنى الإنكار كأنه أيسها من إيمان هذه الفرقة من اليهود، والخطاب لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أوله - صلى الله عليه وسلم - والجمع للتعظيم (وقد كان فريق منهم) قيل المراد بالفريق هم الذين كانوا مع موسى عليه السلام يوم الميقات والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه.

(يسمعون كلام الله) أي التوراة وقيل إنهم سمعوا خطاب الله لموسى عليه السلام حين كلمه، وعلى هذا فيكون الفريق هم السبعون الذين اختارهم موسى (ثم يحرفونه) أي يغيرونه ويبدلونه والتحريف الإمالة والتحويل، وثم للتراخي إما في الزمان أو في الرتبة، والمراد من التحريف أنهم عمدوا إلى ما سمعوه من التوراة فجعلوا حلاله حراماً أو نحو ذلك مما فيه موافقة لأهوائهم كتحريفهم صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإسقاط الحدود عن أشرافهم، أو سمعوا كلام الله لموسى عليه السلام فزادوا فيه ونقصوا، وهذا إخبار عن إصرارهم على الكفر وإنكار على من طمع في إيمانهم وحالهم هذه الحال، أي ولهم سلف حرفوا كلام الله وغيروا شرائعه وهم مقتدون بهم متبعون سبيلهم (من بعدما عقلوه) أي علموا صحة كلام الله ومراده فيه (وهم يعلمون) أي ذلك الذي فعلوه هو تحريف مخالف لما أمرهم الله به من تبليغ شرائعه كما هي، فهم وقعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>