(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وحده قيل المراد الحكم والقضاء كما في قوله (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق)، فكأنه قال إنا قضينا وحكمنا لك فتحاً ظاهراً واضحاً مكشوفاً بغير قتال ولا تعب، والفتح الظفر بالبلدة، عنوة أو صلحاً بحرب أو غير حرب، وبخراج أو بدونه لأنه مغلق. ما لم يظفر به فإذا ظفر به فقد فتح، مأخوذ من فتح باب الدار، وجيء به بلفظ الماضي لأن عادة الله في تحققها بمنزلة الكائنة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر عنه، وهو الفتح ما لا يخفى، وإسناده إلى نون العظمة لاستناد أفعال العباد إليه تعالى خلقاً وإيجاداً، واختلف في تعيين هذا الفتح فقال الأكثر على ما في البخاري: هو صلح الحديبية، والصلح قد يسمى فتحاً قال الفراء: والفتح قد يكون صلحاً، وقال قوم: إنه فتح مكة، وقال آخرون: إنه فتح خيبر، والأول أرجح، ويؤيده ما ذكرناه قبل هذا من أن السورة نزلت في شأن الحديبية.
وقيل: هو جميع ما فتح الله لرسوله من الفتوح، وقيل: هو ما فتح له من النبوة، والدعوة إلى الإسلام، وقيل: فتح الروم، ومعنى الفتح في اللغة