ثم ختم الله سبحانه هذه السورة بما يهون عنده بعض ما اشتملت عليه من التكاليف الشاقة فقال موبخاً (لقد جاءكم) يا معشر العرب، والخطاب لهم عند جمهور المفسرين، وقال الزجاج: هي خطاب لجميع العالم أي لقد جاءكم (رسول) أرسله الله إليكم له شأن عظيم (من أنفسكم) أي من جنسكم في كونه عربياً قرشياً مثلكم تعرفون نسبه وحسبه، وأنه من ولد إسماعيل لا من العجم ولا من الجن ولا من الملك، وقرئ أنفس أفعل تفضيل من النفاسة والمراد الشرف أي أشرفكم وأفضلكم وسيأتي تخريجه.
(عزيز عليه ما عنتم) ما مصدرية والعنت التعب لهم والمشقة عليهم ولقاء المكروه بعذاب الدنيا بالسيف ونحوه أو بعذاب الآخرة بالنار أو بمجموعها والمعنى شاق عليه عنتكم لكونه من جنسكم ومبعوثاً لهدايتكم (حريص) شحيح (عليكم) بأن تدخلوا النار أو حريص على إيمانكم وهدايتكم والأول أولى، وبه قال الفراء.
(بالمؤمنين رؤوف رحيم) قد تقدم بيان معناهما اي هذا الرسول بالمؤمنين الطائعين منكم أيها العرب أو الناس رؤوف رحيم، فسماه الله رؤوفاً رحيماً لم يجمع لأحد من أنبيائه بين اسمين من أسمائه إلا النبي صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن ابن الفضل قرئ رؤوف بالمد وبالقصر وهما قراءتان سبعيتان في هذه الكلمة أينما وقعت في القرآن، والرؤوف أخص من الرحيم، وإنما قدم عليه رعاية للفواصل وعن ابن عباس في هذه الآية ليس من العرب قبيلة إلا وقد ولدت النبي " - صلى الله عليه وسلم - " مضريها وربيعيها ويمانيها، وعلى هذا يكون المقصود ترغيب العرب في نصره والإيمان به فإنه تم شرفهم بشرفه وعزهم وفخرهم بفخره، فإنه من عشائرهم.