(يغفر لكم من ذنوبكم) هذا جواب الأوامر الثلاثة، " ومن " للتبعيض أي بعض ذنوبكم وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته، وقيل المراد بالبعض ما لا يتعلق بحقوق العباد، فإنها لا تغفر بالإسلام، وهذا كلام ظاهري إذ الحق أنها تغفر من حيث المؤاخذة الأخروية بمعنى أنهم لا يعاقبون عليها في الآخرة، وإن كانت من حيث المؤاخذة عليها في الدنيا لا تغفر، فيطالب الكافر إذا أسلم بالحدود كحد القذف وبالمال الذي ظلم به في الكفر تأمل.
وقيل هي لبيان الجنس، وقيل زائدة قاله السدي فإن الإسلام يغفر ما قبله، وهذا على رأي الأخفش الذي لا يشترط في زيادتها تقدم نفي ولا تنكير المجرور بها، والأولى هو الوجه الأول وقيل يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها.
(ويؤخركم إلى أجل مسمى) أي يؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى المعلوم المعين الذي قدره الله لكم لا يزيد ولا ينقص بشرط الإيمان والطاعة فوق ما قدره لكم على تقدير بقائكم على الكفر والعصيان، وقيل التأخير بمعنى البركة في أعمارهم إن آمنوا، وعدم البركة فيها إن لم يؤمنوا، قال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم، وقال الزجاج: أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير ميتة المستأصلين بالعذاب، فالمؤخر إنما هو العذاب فلا يخالف