للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)

قال ابن جرير: قوله (فلا) رد على ما تقدم ذكره تقديره فليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ثم استأنف القسم بقوله (وربّك لا يؤمنون) وقيل إنه قدم (لا) على القسم اهتماماً بالنفي وإظهاراً لقوته ثم كرره بعد القسم تأكيداً، وقيل (لا) مزيدة لتأكيد معنى القسم لا لتأكيد معنى النفي، قاله الزمخشري، والتقدير: فوربّك لا يؤمنون كما في قوله (فلا أقسم بمواقع النجوم).

(حتى) غاية أي ينتفى عنهم الإيمان إلى أن (يحكّموك) أي يجعلوك حكماً بينهم في جميع أمورهم، لا يحكمون أحداً غيرك وقيل معناه يتحاكمون إليك، ولا ملجىء لذلك (فيما شجر) أي اختلف (بينهم) واختلط ومنه الشجر لاختلاف أغصانه، ومنه تشاجر الرياح أي اختلافها.

(ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت) قيل هو معطوف على مقدر ينساق إليه الكلام أي فتقضي بينهم ثم لا يجدوا، والحرج الضيق وقيل الشك، ومنه قيل للشجر الملتف حرج وحرجة وجمعها حراج وقيل الحرج الإثم أي لا يجدودن في أنفسهم إثماً بأنكارهم ما قضيت به (ويسلّموا تسليماً) أي ينقادوا لأمرك وقضائك إنقياداً لا يخالفونه في شيء بظاهرهم وباطنهم، قال الزجاج: تسليماً مصدر مؤكد أي ويسلّمون لحكمك تسليماً لا يدخلون على أنفسهم شكاً ولا شبهة فيه.

والظاهر أن هذا شامل لكل فرد في كل حكم كما يؤيد ذلك قوله (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) فلا يختص بالمقصودين بقوله (يريدون

<<  <  ج: ص:  >  >>