(الذين) أي: هم الذين (يجتنبون كبائر الإثم) قرأ الكبائر على الجمع وكبير على الإفراد، والكبائر كل ذنب توعد الله عليه بالنار أو ما عين له حداً أو ذم فاعله ذماً شديداً، ولأهل العلم في تحقيق الكبائر كلام طويل، وكما اختلفوا في تحقيق معناها وماهيتها اختلفوا في عددها:
(والفواحش) جمع فاحشة، وهي ما فحش من كبائر الذنوب، كالزنا ونحوه، وهو من عطف الخاص على العام، قال مقاتل: كبائر الإثم كل ذنب ختم بالنار، والفواحش كل ذنب فيه الحد وقيل: الكبائر الشرك والفواحش الزنا، وقد قدمنا في سورة النساء ما هو أبسط من هذا وأكثر فائدة، وقال ابن عباس: الكبائر ما سمى الله فيه النار، والفواحش ما كان فيه حد الدنيا (إِلَّا اللَّمَمَ) أي إلا ما قل وصغر من الذنوب والاستثناء منقطع لأنه ليس من الكبائر والفواحش، قال السمين: وهذا هو المشهور، ويجوز أن يكون متصلاً عند من يفسر اللمم بغير الصغائر، وأصل اللمم في اللغة ما قل وصغر، ومنه ألم بالمكان قل لبثه فيه؛ وألم بالطعام قل أكله منه.
قال المبرد: أصل اللمم أن يلم بالشيء من غير أن يرتكبه يقال: ألم بكذا إذا قاربه، ولم يخالطه، قال الأزهري: العرب تستعمل الإلمام في معنى الدنو والقرب، قال الزجاج: أصل اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان المرة بعد المرة ولا يتعمق فيه، ولا يقيم عليه، يقال: ألممت به إذا زرته وانصرفت عنه ويقال ما فعلته إلا لماماً وإلماماً، أي: الحين بعد الحين ومنه إلمام الخيال قال في الصحاح ألم الرجل من اللمم وهو صغائر الذنوب ويقال: هو مقاربة المعصية من غير مواقعة.
وقد اختلف أقوال أهل العلم في تفسير هذا المذكور في الآية فالجمهور على أنه صغائر الذنوب، وقيل: هو ما كان دون الزنا من القبلة والغمزة والنظرة