(وإذ قال موسى لقومه) توبيخ آخر لأخلاف بني إسرائيل بتذكير بعض جنايات صدرت من أسلافهم، أي اذكروا وقت قول موسى لأصولكم وقد قتل لهم قتيل لا يدرى قاتله، وسألوه أن يدعو الله أن يبينه لهم فدعاه، والقتيل اسمه عاميل.
(إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) قيل إن قصة ذبح البقرة المذكورة هنا مقدم في التلاوة ومؤخر في المعنى على قوله تعالى (وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها) ويجوز أن يكون قوله (إذ قتلتم) مقدماً في النزول ويكون الأمر بالذبح مؤخراً، قال الكرخي وإنما أخر أول القصة تقديماً لذكر مساويهم وتعديداً لها ليكون أبلغ في توبيخهم على القتل، ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها ثم وقع ما وقع من أمر القتل فأمروا أن يضربوا ببعضها، هذا على فرض أن الواو تقتضي الترتيب، وقد تقرر في علم العربية أنها لمجرد الجمع من دون ترتيب ولا معية.
والبقرة اسم للأنثى ويقال للذكر ثور، وقيل إنها تطلق عليهما وأصله من البقر وهو الشق لأنها تشق الأرض بالحرث، قال الأزهري البقر اسم جنس وجمعه باقر (قالوا اتتخذنا هزواً) أي نحن نسألك أمر القتيل وأنت تأمرنا بذبح بقرة، وإنما قالوا ذلك لبعد ما بين الأمرين في الظاهر ولم يعلموا ما وجه الحكمة فيه، والهزو هنا اللعب والسخرية، وإنما يفعل ذلك أهل الجهل لأنه نوع من العبث الذي لا يفعله العقلاء، ولهذا أجابهم موسى بالاستعاذة بالله