(إذ يغشيكم) الفاعل هو الله وفيه ثلاث قراآت سبعية يغشاكم كيلقاكم من غشيه: إذا أتاه وأصابه، ويغشيكم من أغشاه أي أنزله بكم وأوقعه عليكم، ويغشيكم من غشاه تغشية غطاه، وقيل الفاعل (النعاس أمنة منه) وهو النوم الخفيف والأكثر على الأول وهذه الآية تتضمن ذكر نعمة أنعم الله بها عليهم، وهي أنهم مع خوفهم من لقاء العدو والمهابة لجانبه، سكن الله قلوبهم وأمنها حتى ناموا آمنين غير خائفين وكان هذا النوم في الليلة التي كان القتال في غدها.
قيل وفي امتنان الله عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان.
أحدهما: أنه قواهم بالاستراحة على القتال من الغد.
والثاني: أنه أمنهم بزوال الرعب من قلوبهم، وقيل أن النوم غشيهم في حال التقاء الصفين، وقد مضى في يوم أحد نحو من هذا في سورة آل عمران.
عن علي قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تحت شجرة حتى أصبح، قال مجاهد: أمنة منه أي أمنا من الله لكم من عدوكم أن يغلبكم.
وقال قتادة: رحمة منه أمنة من العدو، وعنه قال: النعاس في الرأس والنوم في القلب، وعنه قال: كان النعاس أمنة من الله وكان النعاس نعاسين يوم بدر ويوم أحد، وقال ابن مسعود: النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان، وقيل أن ذلك النعاس كان في حكم المعجزة لأنه أمر خارق للعادة.