(ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها) الاستفهام للتقريع والتوبيخ أي هؤلاء الذين جعلتموهم شركاء ليس لهم شيء من الآلات التي هي ثابتة لكم فضلاً عن أن يكونوا قادرين على ما تطلبونه منهم فإنهم كما ترون هذه الأصنام التي تعكفون على عبادتها ليست لهم أرجل يمشون بها في نفع أنفسهم، فضلاً عن أن يمشوا في نفعكم، وليس لهم أيد يبطشون بها كما يبطش غيرهم من الأحياء، وليس لهم أعين يبصرون بها كما تبصرون. وليس لهم آذان يسمعون بها كما تسمعون، فكيف تدعون من هم على هذه الصفة من سلب الأدوات وبهذه المنزلة من العجز.
وأم في هذه المواضع هي المنقطعة التي بمعنى بل والهمزة كما ذكره أئمة النحو والإضراب المفاد ببل انتقال من توبيخ إلى توبيخ آخر، والبطش هو الأخذ بقوة وعنف.
ثم لما بين لهم حال هذه الأصنام وتعاور وجوه العجز والنقص لها من كل باب أمره الله بأن يقول لهم (قل ادعوا شركاءكم) الذين تزعمون أن لهم قدوة على النفع والضرر واستعينوا بهم في عداوتي حتى يتبين عجزها (ثم كيدون) أنتم وهم جميعاً بما شئتم من وجوه الكيد (فلا تنظرون) أي فلا تمهلوني ولا تؤخروا إنزال الضرر بي من جهتها والكيد المكر، وليس بعد هذا التحدي لهم والتعجيز لأصنامهم شيء.