(وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) أي يجعلون في أموالهم ويوجبون على أنفسهم، حقاً للسائل والمحروم، تقرباً إلى الله عز وجل بمقتضى الكرم يصلون بها الأرحام والفقراء والمساكين، وقال محمد بن سيرين وقتادة: الحق هنا الزكاة المفروضة والأولى أولى، فتحمل على صدقة النفل وصلة الرحم وقَرى الضيف لأن السورة مكية والزكاة لم تفرض إلا بالمدينة وسيأتي في سورة (سأل سائل) و (فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) بزيادة معلوم والسائل هو الذي يسأل الناس لفاقته، واختلف في تفسير المحروم فقيل هو الذي يتعفف عن السؤال حتى يحسبه الناس غنياً، فلا يتصدقون عليه، وبه قال قتادة والزهري، وقال الحسن ومحمد بن الحنفية: هو الذي لا سهم له في الغنيمة، ولا يجري عليه من الفيء شيء، وقال زيد بن أسلم: هو الذي أصيب ثمره أو زرعه أو ماشيته.
وقال القرظي: هو الذي أصيب بجائحة، وقيل: الذي لا يتكسب، وقيل: هو الذي لا يجد غني يغنيه، وقيل: هو المملوك، وقيل: الكلب، وقيل غير ذلك، قال الشعبي: لي اليوم سبعون سنة منذ احتلمت أسأل عن المحروم، فما أنا اليوم بأعلم مني فيه يومئذ، والذي ينبغي التعويل عليه ما يدل عليه المعنى اللغوي. والمحروم في اللغة الممنوع من الحرمان وهو المنع، فيدخل تحته من حرم الرزق من الأصل ومن أصيب ماله بجائحة أذهبته، ومن حرم العطاء، ومن حرم الصدقة لتعففه، وأظهر هذه الأقوال أنه المتعفف لأنه قرنه بالسائل، والمتعفف لا يسأل، ولا يكاد الناس يعطون من لا يسأل، وإنما يفطن له متيقظ، قال ابن عباس: في أموالهم حق سوى الزكاة، يصل بها رحماً ويقري بها ضيفاً، أو يعين بها محروماً، وعنه قال: السائل الذي يسأل الناس، والمحروم الذي ليس له سهم في المسلمين، وعنه قال: