(والذين كذبوا بآياتنا) أي القرآن (صم وبكم) أي لا يسمعون بأسماعهم ولا ينطقون بألسنتهم، نزلهم بمنزلة من لا يسمع ولا ينطق لعدم قبولهم لما ينبغي قبوله من الحجج الواضحة والدلائل الصحيحة، وقال أبو علي: يجوز أن يكون صممهم وبكمهم في الآخرة.
(في الظلمات) أي في ظلمات الكفر والجهل والحيرة والعناد والتقليد لا يهتدون لشيء مما فيه صلاحهم، والمعنى كائنين في الظلمات التي تمنع من إبصار المبصرات فضموا إلى الصمم والبكم عدم الانتفاع بالأبصار لتراكم الظلمة عليهم فكانت حواسهم كالمسلوبة التي لا ينتفع بها بحال، وقد تقدم في البقرة تحقيق المقام بما يغني عن الإعادة.
ثم بين الله سبحانه أن الأمر بيده ما شاء فعل فقال:(من يشاءِ الله يضلله) أي أضله عن الإيمان (ومن يشاء) أن يهديه (يجعله على صراط مستقيم) أي على دين الإسلام لا يذهب به إلى غير الحق ولا يمشي فيه إلا إلى صوب الاستقامة، وفيه دليل على أن الهادي والمضل هو الله تعالى، وهذا عدل منه لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون.