(وإذ قالت الملائكة) عطف على إذ قالت امرأة عمران عطفاً لقصة البنت على قصة أمها لما بينهما من كمال المناسبة، وقصة زكريا وقعت فاصلة بينهما لمناسبة، والمعنى إذ قالت الملائكة مشافهة لها بالكلام. وهذا من باب التربية الروحانية بالتكاليف الشرعية المتعلقة بحال كبرها بعد التربية الجسمانية اللائقة بحال صغرها.
(يا مريم إن الله اصطفاك) اختارك أولاً حيث قبلك من أمك وقبل تحريرك ولم يسبق ذلك لغيرك من الإناث ورباك في حجر زكريا ورزقك من الجنة (وطهرك) من مسيس الرجال أو الكفر أو من الذنوب أو من الأدناس على عمومها، وكانت مريم لا تحيض أي خلقك مطهرة مما للنساء وبه جزم القاضي كالكشاف، وسيأتي في سورة مريم حاضت قبل حملها بعيسى مرتين.
(واصطفاك) قيل هذا الاصطفاء الأخير غير الاصطفاء الاول، فالأول هو حيث تقبلها بقبول حسن، والأخير لولادة عيسى من غير أب، واصطفاها أيضاً بأن أسمعها كلام الملائكة مشافهة ولم يقع لغيرها ذلك، وقيل الاصطفاء الآخر تأكيد للاصطفاء الأول والمراد بهما جميعاً واحد (على نساء العالمين) المراد بهن هنا قيل نساء عالم زمانهم وهو الحق، وقيل نساء جميع العالم إلى يوم القيامة واختاره الزجاج.