(إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) إجلالاً له وتعظيماً، وأصل الغض النقص من كل شيء، ومنه نقص الصوت (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم) قال الفراء: أخلص قلوبهم (للتقوى) كما يمتحن الذهب بالنار، فيخرج جيده من رديئه، ويسقط خبيثه، وبه قال مقاتل ومجاهد وقتادة، وقال الأخفش: اختصها للتقوى، وقال الواحدي: تقدير الكلام امتحن الله قلوبهم فأخلصها للتقوى، فحذف الإخلاص لدلالة الامتحان عليه، وهذا الوجه أنسب لأن الكلام وارد في مدح أولئك السادة، الكرام، أو في التعريض بمن ليسوا على وصفهم، ومن ثم قال في فاصلة الآية السابقة:(وأنتم لا تشعرون) وفي فاصلة اللاحقة: (أكثرهم لا يعقلون)، وقيل: طهرها من كل قبيح، وقيل وسعها وشرحها من محنت الأديم إذا وسعته وقال أبو عمر: وكل شيء جهدته فقد محنته، واللام متعلقة بمحذوف أي: صالحة للتقوى، كقولك: أنت صالح لكذا، أو للتعليل كقولك: جئت لأداء الواجب أي: ليكون مجيئي سبباً لأدائه.
(لهم مغفرة وأجر عظيم) خبر آخر لأولئك أو مستأنفة لبيان ما أعد الله لهم في الآخرة، وهو الظاهر.