للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٠٤)

(ولا تهنوا في ابتغاء القوم) من وهن بالكسر في الماضي أو من وهن بالفتح أي لا تضعفوا في طلبهم وقتالهم وأظهروا القوة والجلد، وقريء تهانوا من الإهانة مبنياً للمفعول أي لا تتعاطوا من الجبن والخور ما يكون سبباً في إهانتكم.

(إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون) تعليل للنهي المذكور قبله أي ليس ما تجدونه من ألم الجراح ومزاولة القتال مختصاً بكم، بل هو أمر مشترك بينكم وبينهم، فليسوا بأولى منكم بالصبر على حر القتال ومرارة الحرب.

ومع ذلك فلكم عليهم مزيّة لا توجد فيهم (و) هي أنكم (ترجون من الله) من الأجر وعظيم الجزاء (ما لا يرجون) لكفرهم وجحودهم فأنتم أحق بالصبر منهم وأولى بعدم الضعف منهم، فإن أنفسكم قوية لأنها ترى الموت مغنماً وهم يرونه مغرماً، ونظير هذه الآية قوله تعالى (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله).

وقيل: إن الرجاء هنا بمعنى الخوف لأن من رجا شيئاً فهو غير قاطع بحصوله فلا يخلو من خوف ما يرجو، وقال الفراء والزجاج: لا يطلق الرجاء بمعنى الخوف إلا مع النفي كقوله تعالى: (مالكم لا ترجون لله وقاراً) أي لا تخافون له عظمة.

(وكان الله عليماً حكيماً) لا يأمركم بشيء إلا وهو يعلم أنه مصلحة لكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>