(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية) يفيد زيادة رغبتهم في الإنفاق وشدة حرصهم عليه حتى أنهم لا يتركون ذلك ليلاً ولا نهاراً ويفعلونه سراً وجهراً عند أن تنزل بهم حاجة المحتاجين وتظهر لديهم فاقة المفتاقين في جميع الأزمنة على جميع الأحوال.
وعن ابن عباس بسند ضعيف قال: نزلت في علي بن أبي طالب كانت عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهاراً ودرهما سراً ودرهما علانية.
وفي الآية إشارة إلى أن صدقة السر أفضل من صدقة العلانية لأنه تعالى قدم نفقة الليل على نفقة النهار، وقدم السر على العلانية.
وقيل نزلت في الذين يربطون الخيل للجهاد في سبيل الله لأنهم يعلفونها في هذه الأربعة الأحوال، والأول أولى.
عن غريب المليكي مرفوعاً قال: نزلت هذه الآية في أصحاب الخيل، وقال أبو أمامه الباهلي فيمن لا يربطها خيلاء ولا رياء ولا سمعة، وعن ابن عباس قال: هم الذين يعلفون الخيل في سبيل الله، وقال قتادة: هؤلاء قوم أنفقوا في سبيل الله الذي افترض عليهم في غير سرف ولا إملاق ولا تبذير ولا فساد.
وقال سعيد بن المسيب: نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان في نفقتهم في جيش العسرة، وكون ما ذكر سبباً لنزولها لا يقتضي خصوص الحكم به، بل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(فلهم أجرهم عند ربهم) الفاء للدلالة على سببية ما قبلها لما بعدها وقيل هي للعطف (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) أي يوم القيامة أو في الدارين.