(الر) قال الجلال: الله أعلم بمراده بذلك، قال الصاوي: هذا أحد الأقوال: وهو أتمها واسلمها. اهـ.
وقد تقدم الكلام مستوفى على هذه الحروف الواقعة في أوائل السور في أول سورة البقرة فلا نعيده ففيه ما يغني عن الإعادة.
وقد قيل إن معنى (الر) أنا الله أرى. قال النحاس: ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول لأن سيبويه قد حكى مثله عن العرب، وقال الحسن وعكرمة (الر) قسم، وقال قتادة (الر) اسم للسورة، وقيل غير ذلك مما فيه تكلف لعلم ما استأثر الله بعلمه.
وقد اتفق القراء على أن (آلر) ليس بآية وعلى أن (طه) آية، وفي مقنع أبي عمرو والداني أن العادّين لـ " طه " آية هم الكوفيون فقط، ولعل الفرق أن (الر) لا تشاكل مقاطع الآي التي بعدها.
(تلك) أي ما تضمنته السورة من الآيات والتبعيد للتعظيم، وقيل الآيات المتقدمة على هذه السورة، وقال مجاهد وقتادة: أراد التوارة والإنجيل وسائر الكتب المتقدمة فإن تلك إشارة إلى غائب مؤنث، وقيل تلك بمعنى هذه أي هذه (آيات الكتاب الحكيم) وهو القرآن، ويؤيد كون الإشارة إلى القرآن أنه لم يجر للكتب المتقدمة ذكر وأن الحكيم من صفات القرآن لا من صفات غيره، والإضافة بمعنى من لأن هذه السورة بعض القرآن، والحكيم المحكم بالحلال والحرام والحدود والأحكام، قاله أبو عبيدة وغيره.
وقيل الحكيم معناه الحاكم فهو فعيل بمعنى فاعل، كقوله (وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس) وقيل بمعنى المحكوم، أي حكم الله فيه بالعدل والإحسان قال الحسن وغيره. وقيل الحكيم ذو الحكمة لاشتماله عليها، وقيل الحكيم المنظوم نظماً متقناً لا يعتريه خلل بوجه من الوجوه، وقيل الممتنع من الفساد، فيكون المعنى لا تغيره الدهور والمراد براءته من الكذب والتناقض.