(الذين لا يؤتون الزكاة) أي يمنعونها ولا يخرجونها إلى الفقراء؛ وقال الحسن وقتادة: لا يقرون بوجوبها، وقال الضحاك ومقاتل: لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة وقيل معنى الآية لا يشهدون أن لا إله إلا الله لأنها زكاة الأنفس وتطهيرها، قاله ابن عباس. وقال مجاهد: لا يزكون أعمالهم، وكان يقال: الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا، ومن تخلف عنها هلك.
وقال الفراء: كان المشركون ينفقون النفقات ويسقون الحجيج ويطعمونهم فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت فيهم هذه الآية، وإنما جعل منع الزكاة مقروناً بالكفر بالآخرة لأن أحب الشيء إلى الإنسان ماله، وهو شقيق روحه، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على استقامته، وثباته وصدق نيته، ونصوح طويته، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا ففرت عصبيتهم، ولانت شكيمتهم، وما ارتدت بنو حنيفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا بمنع الزكاة (١)، وتخويف شديد من منعها، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين وقرن الكفر بالآخرة.
(وهم بالآخرة هم كافرون) معطوف على: لا يؤتون الزكاة، داخل معه في حيز الصلة؛ أي منكرون للآخرة جاحدون لها، والمجيء بضمير
(١) سقط من الأصل: فتعصبت لهم الحروب وجوهدوا، وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة.